السكري واضراره لشبكة العيون
يرتبط ضعف النظر الذي قد يصل الى مرحلة “العمى”، بدرجة كبيرة، بمرض السكري. ويعرف أنه “اعتلال الشبكية”و”الوذمة البقعية السكرية”من المضاعفات الأكثر خطراً لمرض ارتفاع السكر بالدم الذي قد يؤدّي الى اتلاف خلايا الجزء الخلفي من العين، المعروفة باسم “شبكية العين”،وبالتالي الى فقدان البصر، اذا لم تتمّ المعالجة في وقت مبكر. وفي حين تشير الدراسات الطبية الى أن ثلاثة من بين كل خمسة عشر مريضاً بـ “السكري” مهددون بفقدان بصرهم، بسبب مضاعفات المرض، باتت التقنيات الطبية الحديثه قادرة على القيام بالعلاج اللازم، عبر وسائل عدّة، إذا اكتشفت في بدايتها وقبل وصولها الى مرحلة الخطر.
ارتفاع السكري بالدم يؤدي إلى “اعتلال الشبكية” وإضعاف النظر
يشرح رئيس قسم طب وجراحة العين في “مستشفى سيدة المعونات”في لبنان الدكتور وليد حرب، عن ضعف النظر الذي يصيب مرضى السكري، ويقول “ان ارتفاع السكر في الدم يؤدي الى اضعاف الشرايين الرفيعة في كامل جسم الانسان، وأكثر هذه الشرايين حساسية، هي تلك الموجودة في شبكية العين ويؤدي اضعافها الى التسبّب بضعف النظر، وهي المشكلة التي قد تتزايد بشكل كبير لدى مرضى السكري، اذا لم يتمّ تداركها من خلال مراقبة “مخزون السكر في الدم”.
ويلفت حرب الى أن ارتفاع مستوى مخزون السكري، قد يؤدي الى اصابة العين بما يعرف بـ “الماء الزرقاء” أو “جفاف العصب الرئيس في العضلات التي تحرك العين” أو الى الأكثر خطراًوهما “اعتلال الشبكية السكّري” و”الوذمة البقعية”.
وعلى الرغم من استخدام مرضى السكري للأدوية لمراقبة مستويات السكر في الدم، تستمر بعض تقلبات السكري في الحدوث، وقد ينتج عنها ضرر في الأوعية الدموية الصغيرة في شبكة العين: وهي حالة معروفة بـ”شبكية السكري”.
ويمكن لهذه الأوعية الدموية المتضررة ان تؤدي إلى تسرب للسوائل والدهون في المنطقة الوسطى من شبكة العين المعروفة بالبقعة وتسبب “البقعة الوذمية السكرية”.
ووفق منظمة الصحة العالمية، فإن “اعتلال الشبكية” من الأسباب الرئيسة المؤدية إلى فقدان البصر، وهو يحدث نتيجة تراكم طويل المدى للأضرار التي تلحق بالأوعية الدموية الصغيرة الموجودة في الشبكية. وبعد التعايش مع السكري لمدة 15 عاماً يُصاب نحو 2% من المرضى بالعمى، ويُصاب نحو 10% بحالات وخيمة من ضعف البصر.
وتشير الدراسات إلى أن اعتلال الشبكية بسبب مرض السكري، هو من الأسباب المؤدية إلى العمى في العمر ما بين 20 و 74 سنة.
ومن المعروف أنّ الشبكية هي طبقة من الخلايا الحساسة للضوء في الجزء الخلفي من العين، تقوم بتحويل الضوء إلى إشارات كهربائية،ويتم إرسال الإشارات إلى الدماغ عبر العصب البصري،كي يفسرها الدماغ لإنتاج الصور التي تراها.
وبالتالي فإن شبكية العين تحتاج إلى إمدادات ثابتة من الدم تتلقاها عن طريق شبكة من الأوعية الدموية الدقيقة، لكن مع مرور الوقت، يمكن للمستوى العالي المستمر لنسبة السكر في الدم أن يؤدي الى انسداد الأوعية الدموية،الأمر الذي يضرّ بشبكية العين ويوقفها عن العمل.
أعراض ضعف النظر الناتج عن السكري:
يشير الدكتور حرب الى أن مرضى السكري معرضون بشكل كبير للإصابة بضعف النظر، بعد ما بين 10 و15 سنة من اصابتهم بالمرض، لكنه يؤكد ضرورة الفحص الدوري، مرة في السنة على الأقل، لا سيما أن معظم مرضى السكري لا يكتشفون اصابتهم به الا بعد فترة قد تكون سنوات عدة، كما أن المريض قد لا يشعر أثناء المراحل الأولية بأعراض ملحوظة، لا تظهر الا عند اجراء الفحص اللازم، مشدداً على أن الاكتشاف المبكر لمرض اعتلال الشبكية وعلاجه، قد يمنعان فقدان البصر بنسبة 90 في المئة.
أما عندما يشعر المريض بها، فهي تظهر من خلال ضعف النظر الى البعيد، ومن ثم القريب، الى أن يفقد التمييز بين الألوان، وقد يصل عندها الى مرحلة فقدان البصر، وقد يحصل بطريقة مفاجئة.
وهنا يؤكد حرب أن الوقاية من الاصابة بـ “اعتلال الشبكة” تتم من خلال السيطرة على مستوى السكر في الدم.
انتشار “اعتلال الشبكية” الناتج عن مرض السكري
تشير الدراسات الى أن معدل الاصابة بمرض “الشبكية السكري”يزداد مع طول فترة المرض، اذ يبلغ معدل الاصابة تقريبا 80 في المئة، بعد مرور 15 عاماً من الاصابة بمرض السكري.
وتؤدي الاصابة بمرض الشبكية السكري الى فقدان البصر، في نحو 25 في المئة من المصابين، خلال 5 سنوات من اعتلال الشبكية، خاصة مع عدم الاهتمام بتنظيم مستوى السكر في الدم.
وفي عام 2014 ، ذكر الاتحاد الدولي للسكري، أن عدد المصابين بالمرض يقدر بنحو 371 مليون شخص ويتوقع أن يبلغ 552 مليوناً بحلول عام 2030.
ويسكن ثلاثة أرباع المصابين بالسكري في بلدان العالم الثالث، وتحتل الكويت اعلى معدل في إصابات السكري، بسبب السمنة وارتفاع ضغط الدم، بحسب إحصائية منظمة الصحة العالمية.
وشدد الباحثون بجامعة “جون هوبكنز” الأمريكية، على أن الكثير من مرضى السكري، لا يولون الرعاية الصحيحة واللازمة لعيونهم، بل ليسوا على دراية بفقدانهم النظر تدريجياً، بسبب عدم استقرار مستوى السكر في الدم.
وأشارت البيانات إلى أن ثلاثة من بين كل خمسة عشر مريض سكر، مهددون بفقدان بصرهم بسبب مضاعفات مرض السكر.
العلاج المناسب في الوقت المناسب يمنع فقدان البصر
يحدّد علاج ضعف النظر الناتج عن “اعتلال الشبكية” – بحسب حرب – وفق الحالة التي وصل اليها المريض، مؤكدا في الوقت عينه أن العلاجات التي باتت متوافرة، من شأنها منع الوصول الى مرحلة فقدان البصر، اذا عولجت في الوقت والطريقة المناسبة.
ويوضح، أنه إذا تم تشخيص اعتلال الشبكية في بداياته، فقد يكون من الممكن علاجه بالسيطرة على مرض السكري،من خلال اعادة مستوى مخزون السكري في الدم الى المعدل الطبيعي 6.2.
أما في المرحلة الثانية واذا وصل “اعتلال الشبكية” الى مرحلة متقدمة، وزاد من ضعف النظر، فيتم اللجوء الى المعاجة بأشعة “الليزر”، للحد من تفاقمه.أما في المرحلة الثالثة، واذا لم ينجح علاج “الليزر”، فعندها يلجأ الطبيب الى خيار “الحقنة” التي تعمل على تجفيف الشرايين المريضة الناتجة عن مرض السكري، وتجفيف الورم داخل شبكية العين.وتُستخدم الحقنة مرة شهرياً خلال الأشهر الخمسة الأولى، ومن ثم مرة كل شهرين.
تعليقات
إرسال تعليق